سباق الضفادع


من القصص الطريفة التي يسردها دائما المدربون والمحاضرون في مجال الهندسة النفسية والبرمجة العصبية قصة " سباق الضفادع " حيث
قررت مجموعة من الضفادع القيام بمسابقة لتسلق أحد الأبراج الشاهقة، وكان التحدي بينهم على أشده فيمن يستطيع بلوغ قمة ذلك البرج العالي وبينما هم كذلك، كانت الحشود المجتمعة من الضفادع تتهكم عليهم ، لأنهم كانوا على يقين أن أحدا من المتسابقين لن يستطيع الوصول إلى القمة وبدأ السباق، فانطلقت الضفادع تتسلق البرج بسرعة كبيرة ، في حين تتعالى الصيحات التهكمية من جمهور الضفادع، مرددين بصوت واحد: "مستحيل.. مستحيل"، وذلك للنيل من عزيمتهم وإحباطهم
في أثناء ذلك بدأت الضفادع تسقط الواحد تلوالآخر، من شدة الإعياء، وعدم مقدرة كثير منهم على مواصل الصعود نحو القمة، في حين واصلت مجموعة أخرى التسلق بحماس شديد ، ولكنهم أيضا سرعان ما تساقطوا تباعا بسبب إرهاقهم وتأثرهم بصيحات المتشائمين، ما عدا ضفدعا واحدا أبهر الجميع، حيث واصل التسلق بأقصى سرعة حتى بلغ قمة البرج، ففاز على الضفادع جميعها. ذهل جمهور المتشائمين، فاحتشدوا حول هذا الضفدع العجيب لمعرفة كيف نجح في تسلق قمة البرج، وجاءت المفاجأة أن الضفدع كان " أصم"، ولم يستمع إلى تعليقات الجمهور المحبطة ، فحقق هدفه بنجاح باهر، لأنه كان مدفوعا بعزيمته وإصراره!
مغزى هذه القصة، أن الاستماع إلى أفكار الآخرين التشاؤمية قد يثنينا عن المضي نحو تحقيق ما نصبو إليه في حياتنا من أهداف
فالأفكار السلبية قد تتماشى مع القدرات والطموحات المحدودة لأصحابها ، ولكنها لا تنطبق بالضرورة على قدرات وطموحات ومؤهلات الأخرين
هناك حقيقة مهمة، وهي أن للكلمة قوة تأثير عظيمة، يمكن أن تدمر أو تحبط أي إنسان، مهما أوتي من قوة وحماسة، ولذلك يجب أن يختار المرء بعناية تامة من يستشيرهم، وألا يصغي إلى كل " من هب ودب " وبخاصة إذا كان الأمر يتعلق بطموحاته النبيلة ، لأن ما نستمع إليه أو نقرأه يؤثر في أفعالنا وتصرفاتنا بصورة كبيرة، وربما يرسخ مع مرور الزمن في عقلنا الباطن. ولا بد للإنسان أن يحذر استشارة أو حتى كثرة مجالسة شخص عرف عنه صفة التشاؤم واللوم والعتاب المستمر
فهنيئا لمن لا يأخذ الحكمة إلا من أفواه المتفائلين، الذين لديهم تجربة حياتية تستحق الاستشارة، ويجدر بنا ألا نعتمد فقط على ما يقوله " المتشائمون "، بل يجب أن نصم آذاننا عنهم حينما يحبطوننا بقولهم: " لن تحققوا طموحاتكم وأهدافكم " من دون إبداء أسباب منطقية كافية. ولو أن كل مبدع أو ناجح آمن بما قاله له المحبطون ، لما كان لدينا أناس مبدعون في كل مجالات الحياة. ولنتذكر دائما قول الشاعر أبي القاسم الشابي:
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر